قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
فقدت خيارات السياسة والملك لم يعد صمام الأمان
شبكة النعيم الثقافية - 2004/03/23 - [الزيارات : 5820]
 بسم الله الرحمن الرحيم

بقلم الأستاذ / كريم المحروس

بعد انتهاء فترة أحكام السجن للمجموعة الثانية من أصدقائنا في الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين في عام 1986م ، وبعد مضي خمسة عشر عام على احتجازهم في سجن جو ، كانت خطة الحملة الإعلامية للضغط على الحكومة جاهزة ، حيث أقرت بوجوب عقد لقاءات مكثفة مع أكبر عدد ممكن من الشخصيات الدينية والسياسية والإعلامية والحقوقية الصديقة في بلد عربي ، وحثهم على الاتصال بأطراف بحرانية حكومية متمكنة من ممارسة نفوذها من اجل الإسراع في إطلاق سراح أصدقائنا السجناء في الموعد القانوني المحدد .

ولمست خلال جولتي بين هذه الشخصيات تضامنا كبيرا وتفاعلا غير متوقع مع قضية البحرين برغم انشغالهم بحروب الأحزاب والجماعات الطائفية الداخلية وحساسية علاقاتهم الخارجية ، العربية منها والدولية . ولفت اهتمامي تلك الرعاية الكبيرة التي أولتها لنا شخصية برلمانية بذلت الكثير من الجهود في سبيل تسخير الوسائل الإعلامية المتوافرة في ذلك البلد لخدمة خطتنا الإعلامية .

وفي دعوة خاصة تلقيتها من قبل هذه الشخصية بعد انتهاء الزمن المحدد للحملة الإعلامية ، زرت مكتبه مع فريق العمل الإعلامي ، حيث حشرنا بين الألوان الزاهية والصارخة التي اختيرت بعناية فائقة وغطت كل شيء في المكتب.. البوابة ، والجدران ، والطاولات ، والكراسي ،والصور ، والكتب ، وأجهزة الهاتف والتلفاز ،ولباس الحراس . وعلى أطراف المكتبة الحمراء ألصقت صور لكل من : لينين ، ماوتستونغ، وجيفارا ، وكاسترو ، وآية الله السيد الشيرازي ،وآية الله السيد الخميني ، وآية الله السيد الخوئي ، وآية الله السيد محمد باقر الصدر.

وبينما كان حوارنا على اشده في قضايا مختلفة ، أشارت الشخصية البرلمانية إلى الصور المتجاورة للشخصيات الفكرية والسياسية والدينية كمثال ، وقال :
" انظروا إلى هذه الصور وهذه الكتب . أنا لا افرق بين الشيوعي أو الإسلامي .. يهمني أن اختار من بين الرموز كل من قدم الكثير لوطنه ولمبادئه ولدينه الذي يؤمن به ويعتقد ، انطلاقا من الآية الكريمة { فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما}!.. ولا عصبية عندي أبدا لأحد أو ضد أحد من البشر. وأنا اعرف .. ربما أثارت حفيظتكم صور لينين وماتسيتونغ وجيفارا وكاسترو.. ليس لشيء .. إلا لأنكم إسلاميون ، أليس كذلك ؟! .. أنا اكثر وحدويا منكم .. ودليلي أنني اجمع في مكتبي بين أربع صور لشخصيات دينية لا تجتمع أبدا في محافلكم وقلوبكم.. وهاأنذا أخاطبكم بلا أي حواجز .. وأشارككم أحاسيسكم وقضاياكم بلا أي تكلف أو حساسية" !.

لست من الذين يشعرون بالحرج أمام مثل هذه المواقف ، بل تداولت الأمر مع هذه الشخصية بشكل مستفيض ولكني فشلت في إظهار الحجة أمام مثال اجتماع الصور في أي واحد من محافلنا الدينية إلا في قلوبنا. فقد لفت نظري الاطلاع الواسع عن قضايا البحرين الذي تميزت به هذه الشخصية .. إنه يعرف التفاصيل عن اتجاهاتنا الدينية والسياسية والثقافية وطبيعة العلاقات المسيرة لها ومظاهر الخلاف المرجعي والسياسي . لذلك انطلق في حديثه معنا عن التجارب السياسية والاجتماعية الحزبية وقيمها ، ثم عرج في آخر الأمر على قضية البحرين وتجاربها ، وقال من ببن ما قاله أيضا :
" ليؤمن الشيوعي بما يؤمن به ، وليؤمن الإسلامي بما يؤمن به . ولكن حينما يتشتت الإيمان بين الإسلاميين فلا يلتقون ، فثقوا تماما بأن كل واحد منهم سيلتقي يوما وفي احسن الأحوال أو أسوئها بمن لا يؤمن به من الشيوعيين وعناصر من السلطات بلا أي حرج . وللحسين ( عليه السلام) مقولة رائعة في إمكانية الاجتماع على الباطل عند الأعداء وإمكانية الفرقة عند أصحاب الحق. و{كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا}.. وحينما يتشتت الإيمان عند الشيوعيين فلا يلتقون ، فثقوا تماما بأن كل واحد منهم سيلتقي يوما وفي احسن الأحوال أو أسوئها بمن لا يؤمن به من الإسلاميين وعناصر من السلطات بلا أي حرج . فكما أن للفكر توازناته كذلك للسياسة توازناتها"!.

اختلفت تماما مع هذه الشخصية السياسية في قوله "بأن للفكر توازناته" ، ولكني اتفق معه في قوله "بأن للسياسة توازناتها" . فالفكر بالنسبة للإسلاميين ينطلق من مصادره الأساسية ويرعى التقاليد والأعراف السائدة التي تشكل النسيج الثقافي الخاص ، ويستمد هذا الفكر من العلوم والمعارف ما يعين ويثير عقل الإنسان ويسهل أمور علاقاته مع الأشياء والأشخاص . ولذلك كان حقا على الإسلاميين نصرة بعضهم البعض وان يتعارفوا على كتلة واحدة متينة متماسكة. وأما السياسة بالنسبة للإسلاميين فلا يؤخذ فيها بالتوازنات في العلاقات البينية ، بل يؤخذ بالجسد الواحد الذي يجتهد مطلقا للمحافظة على أعضائه سليمة وقوية ومعافاة. ويصبح الأخذ بالتوازنات ضرورة فيما دون العلاقات البينية .

وإلى محاولة تلك الشخصية البرلمانية المحرجة أثناء تطور الحوار واتساعه معها ،فقد أكد أحد المشاركين ضمن الطاقم الإعلامي بأن العلاقات بين الإسلاميين في البحرين لا تحيد عن كونها "توازنات" محضة وخاضعة لتقلبات الظروف السياسية والاجتماعية ، وان عدم اجتماع صور مراجع الدين في محفل إسلامي واحد يعد أحد مظاهرها البارزة ، فلا يمكن أن تجتمع هذه الصور في جوف إنسان بحراني إلا ذاك الذي امتحنته الأيام وزلزل حتى قال والذين معه : أن المرجعية أسمى من أن تحد أو تقيد بحدود أو قيود سياسية تصنعها أهواء الناس وجهالتهم؟!.

أتصور بأن الكثير من مواطنينا يشاركون هذه الشخصية البرلمانية التأكيد على وجود الكثير من مصاديق الخلاف ، وذلك من خلال مشاهداتهم اليومية لمظاهر التباين السياسي والمرجعي ، فيما الأغلبية من الإسلاميين تزداد فخرا كل يوم بما تؤمن به في "توازناتها" السياسية ، وتتعاطى مع غيرها في الأقلية بموازين السياسة لا بمبادئ الاخوة ووحدة الهدف والمصير ، برغم إيمان الجميع بأن "الأكثرية" في القرآن مذمومة وان " الأقلية" ممدوحة في الكثير من آياته.

إننا في البحرين مطالبون بنبذ فكرة " التوازن" في السياسة بين الإسلاميين ، واعتماد " أصالة" التعدد وفق الفكر الإسلامي الأصيل. خصوصا وان إسلاميي البحرين تربطهم علاقة وثيقة بالتجربة الحديثة في العراق ، التي أثبتت أن فكرة الإقصاء على مبدأ الأفضلية وفق مرتكز " التوازنات" بين الإسلاميين قد أضاعت افضل فرصة تاريخية قدم الشعب العراقي ملايين الضحايا وقرنا من عمره الحضاري حتى يصل إلى مشارفها. وفات بعض الإسلاميين بأن التصدي لقضايا الشعوب ومصائرها ليست" لعبة" سياسية ، إنما هي مسؤولية لا حصر فيها على أحد من الأحزاب أو الجماعات دون الآخرين .

لقد صدقت الشخصية البرلمانية في جزئية من تحليلها ، ولكن " التوازنات" السياسية بين الإسلاميين كانت سائدة ، وكانت اكثر عمقا في العراق منذ اكثر من عشرين عاما . ففي اليوم الواحد – على سبيل المثال - تخرج اكثر من ثلاث مسيرات في بلدين مجاورين للعراق بمناسبة واحدة ، وكل واحدة من هذه المسيرات لها أعلامها الخاصة، وصور رموزها الخاصة ، وشعاراتها الخاصة . وشاء تعقيدات الحياة وضغوطها أن يلتقي الجميع ولكن تحت مظلة " التوازن" السياسي. وحينما حل وقت الاستحقاق ، تباينت اللقاءات الانفرادية السرية مع واشنطن حتى تأسس مجلس تصدرته بعض الرؤوس الإسلامية التي اعتقدت أنها قادرة على صناعة مصير العراق بمفردها دونما حاجة لنظرائها من اخوة النضال، وكانت النتيجة : " لا حظتْ برجيلهه ولا أخذت سيد علي". فكانت غصة وضاعت الفرصة مثلما ضاعت عندنا في البحرين في أوج أيام الانتفاضة الماضية ، حتى تأكد الآن للعراقيين الإسلاميين حاجتهم الماسّة لدورة سياسية جديدة قد يسقط على أثرها الكثير من الضحايا ، ولا يعلم أحد إلى أين سيؤول مصير العراق والمنطقة بأكملها بعدها ، مثلما تأكد لنا اليوم في البحرين بأننا بحاجة ماسة إلى دورة سياسية جديدة ولا مفر منها ، نأمل ألا يصل بنا الحال فيها إلى أزمة تعصف بـ" المكاسب" الدستورية على حد التعبير الشائع والمشكك.

لقد قرأ بعض المحللين مستقبل أوضاع بلادنا من خلال مجريات المؤتمر الدستوري الذي قادته أربع جمعيات سياسية ، فوجدوا أن " التوازنات " حاكمة على كل شيء إلا مع السلطات.. وحتى على الهدف الذي من اجله أقيم المؤتمر الدستوري ، كل ذلك يجري تحت مظلة وضع يستحيل فيه ممارسة "اللعبة" التي تباهى بها بعض " الرموز" قبل التصويت على الميثاق ووعدوا الناس بها. فأية " لعبة" بقيت اليوم وبعد سقوط كل خياراتنا السياسية في وحل التصويت على الميثاق .

ظن بعض الأصدقاء الذين التقيت بهم على هامش المؤتمر بأنني ربما نسخت تصوري الأولي في أهمية قيام مؤتمر شعبي مستقل عن الجمعيات وهيمنتها - بالمشاركة المباشرة في المؤتمر الدستوري الذي عقد بين 13 و14 فبراير الماضي في نادي العروبة . وهذا ظن ليس في مكانه أبدا . فكيف انسخ تصوري وقد اغلق باب السياسة منذ "بلوغنا الشرعي" الرقم الكارثة " 98.4% "، ومنذ أن ضرب الملك الشيخ حمد عرض الحائط وطوله ثقة الناس بوعوده وأملها في حياة هانئة في دولة يقودها القانون والمؤسسات ، ومنذ أن رأيت أمام بوابة الطائرة أثناء مجيئي للمشاركة في المؤتمر الدستوري- كتائب من المخابرات تتوزع على كل بقعة من مطار البحرين ، وتدقق في الجوازات بخائنة الأعين ، وتجتهد بلا قانون في تفحص ما تخفيه الصدور بصدور خبيثة تنبض بشحنات قانون أمن الدولة .

لقد تأكد لي من خلال المعطيات التي تعرفت عليها ، بأن عقد المؤتمر بحد ذاته كان محاولة ضغط على الحكومة فحسب ، ولم يهدف صناعة كيان سياسي جديد متين خارج على " التوازنات" وخاضع للإرادة الشعبية الحرة. وهذه إحدى الثغرات الكبيرة التي وقعت فيها الجمعيات وحسبت في غير صالحها وأضعفت الدور السياسي للمؤتمر. فالوضع السائد اليوم لا يمكن له أن يعالج بجمعيات صادرة عن قانون ، ولا أظن أن خطأ الحكومة المخزي في منع الشخصيات الكويتية من دخول البلاد قد أضاف شيئا في الرصيد السياسي للجمعيات برغم الفرحة التي غمرت قلوب القائمين على المؤتمر لورود هذا الخطأ بشكل غير متوقع .

يجب أن نتعرف جيدا على شكل الضغط السياسي المراد تحقيقه من خلال المتوفر لدينا من الوسائل المتاحة والظروف التي تجري في صالحنا على غير " التوازنات " السياسية في العلاقات البينية، ومن خلال دراسة جادة لطبيعة السلطات والمسار الذي نناضل بين منعطفاته . وهذه هي إحدى المعطيات الرئيسية التي دعتني لاقتراح عقد مؤتمر شعبي شجاع قادر على دراسة المسار الراهن بشفافية ومداولة الأسباب الذاتية والموضوعية التي جرّتنا إلى هذه الأزمة . فوجدت المؤتمر الدستوري وقد تعاطى من خلال الأوراق المقدمة جوانب موضوعية متعلقة بموقف السلطات وتخاذلها ، وتجنب بشجاعة الخوض في قضايا الذات وأزمتها!.

من هنا ، يقر بعض السياسيين في بلدنا ، بأن المسار الجديد للجمعيات لن يتمكن من خلق تكامل في " التوازن" الذاتي فضلا عن الموضوعي ، برغم توافر هذا الوضع على الكثير من فرص خلق " التوازن " الذاتي البيني إلى جانب انحسار فرص " التوازن" الموضوعي مع السلطات . وهناك ثغرات خطيرة تعود إلى ضعف وسيلة الضغط السياسي وانعدام أثرها الفاعل ، ولأن " التوازن السياسي " مع السلطات لو كان متوفرا قبل انعقاد مثل هذا المؤتمر لتأكد لنا بأن الضغط السياسي المجرد قادر على تحقيق شيء على أرض الواقع وان المؤتمر قد أتى في سياق هذا الضغط فلم يشذ عنه أبدا ؛ بينما كل المؤشرات قد أفادت بأن لا خيار في السياسة بين الشعب والحكومة ، وعلى الملك ومن خلفه السلطات تحمل مسؤولية تبعات خذلان طموح الشعب الحضاري .

طباعة : نشر:
 
يرجى كتابة التعليق هنا
الاسم
المدينة
التعليق
من
رمز التأكيد Security Image
 
جميع الحقوق محفوظة لشبكة النعيم الثقافية © 2003 - 2024م