قالوا

 يعيش الجميع اليوم عصر الثورة المعلوماتية التي تنتشر فيها الأفكار و المعلومات بسرعة و سهولة من و إلى أي بقعة من بقاع العالم، و لكن ما فائدة هذا الكم الهائل من المعلومات في ظل هيمنة رأي واحد و فلسفة واحدة على نوعية هذه المعلومات، و أعني بذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعكس بمثل هذه الأفعال حقيقة العالم الذي تمثله و تريد في نفس الوقت.

الأستاذ علي السكري
من الذي صام؟ الدرازيون أم النعيميون؟   |    في ذمة الله الشَّابة زهراء عبدالله ميرزا صالح   |   ذمة الله تعالى الحاجة جميلة حسن عبدالله    |   على السرير الأبيض الحاج خليل إبراهيم البزاز أبو منير    |   برنامج مأتم الجنوبي في ذكرى ولادة السيدة الزهراء    |   في ذمة الله حرم الحاج عبدالله سلمان العفو (أم ياسر)   |    في ذمة الله الطفلة زهراء جابر جاسم عباس   |   نبارك للأخ الطالب محمد حسن علي ثابت حصوله على الماجستير في إدارة الأعمال    |   رُزِقَ الأخ عبدالله علي آل رحمة || كوثر || 12/12/2021   |   دورة تغسيل الموتى    |   
 
 الصفحة الرئيسية
 نبذة تاريخية
 أنشطة وفعاليات
 مقالات
 تعازي
 شخصيات
 أخبار الأهالي
 إعلانات
 النعيم الرياضي
 تغطيات صحفية
 ملف خاص
 خدمات الشبكة
 المكتبة الصوتية
 معرض الصور
 البث المباشر
 التقويم الشهري
 أرسل خبراً
 اتصل بنا
 
مقالاتالأستاذ كريم المحروس
 
من أجل مقاربةٍ أكثر وعياً لما يسمّى بجماعة «السّفارة»
صحيفة الوقت - كريم المحروس - 2008/10/31 - [الزيارات : 6045]

مناوشة في جعْلٍ ثقافي متأزّم..
من أجل مقاربةٍ أكثر وعياً لما يسمّى بجماعة «السّفارة» «2-2»

كريم المحروس
الوقت - العدد 984 الجمعة 2 ذو القعدة 1429 هـ - 31 أكتوبر 2008

قبل مرحلة تصعيد الخطابات في الحسينيات ضد جماعة ما يُسمّى بـ 'السفارة'، التقيتُ، ولمدة ثلاث ساعات تقريباً، بأحد الرّموز التنظيمية القيادية لحزب الدعوة ممن تابَ عن تبنّي فكرة 'السفارة'، ورفع لواء الحرب ضدّ دعاتها. فأخذتُ عنه تفاصيل رحلته، ابتداءً من مرحلة التبنّي وانتهاءً بمرحلة التوبة والانفصال عنها. فأقرّ في منتهى الحديث ما ارتآه نظري من قبل حول نشوء فكرة 'السفارة' بوصفها حالاً عاطفية بسيطة جداً لم تكن لتستحق غير مراحل علاج تراتبي مناسب وتسوية حزبية داخلية مرضية، عوضاً عن كلّ هذه المناكفة والضجّة والفتاوى والحشد الجماهيري الهائل. ولكن فكرة مواجهة 'السفارة' بالمقاطعة - بحسب رأي هذا الرّمز الدعوي - قد أتى على بنيتها القيادية الداخلية وقضى على أسسها، ولن تقوم لها قائمة من بعد ذلك قطعا!

ذكّرته بأيام النّضال الأولى، وكيف كانت علاقتنا الوثيقة المتبادلة في العمل الثقافي الجماهيري البسيط جداً رغم طغيان موجة التصعيد الخطير الذي أجّجته خلافات تياري المرجع 'الشيرازي' و'الدعوة'، ولم يكن أحد منا يأبه بها وبمخلّفاتها السّلبية.
لقد عجبتُ لعلم الرّمز التنظيمي المذكور التفصيلي والقاطع بأحوال أتباع مدرسة المرجع الشيرازي، وهم من أكثر الناس تشدداً ضد الفكرة المجعولة حديثا بإعادة النظر في بعض ضرورات التشيع القاضية بفرض مراجعات ثقافية جذرية تاريخية وعقدية وتوابعهما الفكرية، تمهيداً لصناعة مبادئ التقريب المذهبي والاعتدال الحزبي السياسي. وترى هذه المدرسة الفقهية في المراجعات التي تبناها التيار الأصولي الساحق في البحرين قصوراً ثقافياً وعلة محكمة من علل ظهور الابتداع في العقيدة المهدوية وغيرها الأشد خطورة، كمعتقد وحدة الوجود والموجود الذي يمسّ جوهر عقيدة التوحيد ويُروّج اليوم له عبر وسائل إعلامية مختلفة،بل إنّ بعض المثقفين الشيرازيين المتشددين باتوا يعتقدون بأن مرشد الإخوان المسلمين الرّاحل حسن البنا هو المفكّر الحاكم على دعوات التجديد وإصلاح عقائد وفقه التشيع، ولا تعدو هذه الدعوات عن كونها خاضعة لمنهج الإخوان بشكل غير مباشر، وتخلو من أية أصالة ثقافية شيعية. وتأسيسا على ذلك، بات القول بوجود علاقة بين نشوء فكرة 'السفارة' ودور'شيرازي' اختلاقاً سياسياً وتجنيّاً وافتراء، وتطرّفاً مستهجنا في المناوشة إلى حدّ التمرد على النصّ الشرعي.

ما يُسمّى 'السّفارة'.. من العاطفيّة إلى الظاهرة

خالفتُ بعض قياسه في وجود نتائج قاضية للفتاوى والمقاطعة ضد جماعة 'السفارة' يُعتدّ بها، لأن مجتمعنا كان يغطّ في سباتٍ وبيات شتوي، والبلاد كلها صيف لاهب، وإنْ صحا من سباته فعلى وقع جعجعة السياسة لا الوعي الثقافي، فمن أين للنتائج هذه أن تأتي؟! استبنت له كلّ الدلائل الملموسة القائلة بأن 'السفارة' انتقلت على حدة الفتاوى المضادة وضجة المقاطعة من كونها 'حالاً عاطفية' بسيطة مبنية على سكينة الأحلام ويسهل علاجها، إلى 'ظاهرة' ثقافية واجتماعية خطيرة معقّدة تستعصي على الحلّ، وسيدفع ثمن تضخّمها شقّ التيار الأصولي الذي استجمع قواه بالأمس في مرحلة نشوء 'السفارة'، وألّب الشارع والمرجعيات في معركة الحسم ضدها. وعندها سيصدق حدس الأخبارية الذين اعتزلوا هذه المعركة! وقد تأكّد لي ذلك من خلال مشاهدات ميدانية اضطررتُ في منهج استحصالها إلى حضور ندوة عقدت في 'جمعية التجديد الثقافي' مرافقاً لبعض الأصدقاء الشيرازيين، كانت لنائب مدير تحرير جريدة 'الوقت' وعضو جمعية 'وعد' السيدرضي الموسوي بعنوان 'دور الصحافة في تعزيز المواطنة ومعالجة الطائفية والتمييز'. فتأكّد لي من خلال استقراء المشاهدات هذه أن 'السفارة' أصبحت 'ظاهرة' بـ 'الفعل'، بعد أن كانت 'حلما عاطفيا' مثيراً، لكني لم أكن لأقطع أمراً وأبتّ في شيءٍ يُوحي ببقاء فكرة 'السفارة' على هيئتها الثقافية الأولى أو عدمها عند أعضاء الجمعية، فذلك أمر أجهله مطلقاً، وأفضّل أن يكون مرهوناً بلجنة استقراء واحتواء عمدتُها بعض العلماء المتخصصين أرجو تشكيلها بديلاً عن فكرة 'المقاطعة' وامتداداً لمبدأ 'النصح' الذي ورد في فتوى آية الله العظمى السيدمحمد رضا الكلبيكاني الصادرة في (24 ربيع الأول 1411هـ) وأصاب بها الواقع في قوله: 'ينبغي للمؤمنين أن ينصحوا الشخص المذكور ليرتدع عن أعماله وادعائه'. واعتقد أن كلفة المقاطعة والفتاوى على الصّعد الاجتماعية كانت ضخمة جداً، ولو أنها صُرفت على مبدأ الاحتواء والنصح في العقود الماضية لما شهدنا اليوم بدعة أو ظاهرة تمرّد على النص الشرعي وضروراته.

في جميع الأحوال، أقدّرُ كلّ المظاهر الأخيرة التي حاولت بسط سلوك التآخي مع تيار المرجع الشيرازي وتناسي هفوات الماضي، والاعتدال الأخير في الخطاب الموجّه لفتح أبواب اللقاء مع مختلف أطياف البيت الوطني الذي يحتضن الجميع في إطار جغرافي وتاريخي وزمني موحّد، نحن مسؤولون فيه بالدّرجة الأساسية عن صناعة وصياغة واقع يسمو بكثير على مناوشات الكسب السياسي غير المشروع. كما أرى أيضا في 'المناظرات' و'النصح' مع ما يُعرف بجماعة 'السفارة' أو أعضاء جمعية 'التجديد' وظيفة حضارية معقّدة تتجاوز بعناصرها وأدواتها - فضلاً عن نتائجها الإيجابية - وظيفة مشروع 'المقاطعة' وأكثر منها دقة إذا ما أحسن الجميع استخدامها.
فمتبنى 'المقاطعة' ضد كلّ تيار منافس أو لا ينسجم مع النصّ الديني وضروراته لا يخرج في عالم الانفتاح الحضاري الكبير عن كونه مظهراً بارزاً من مظاهر العجز الثقافي والاجتماعي، وأكثر دلالة على مبتغى الهروب عن تحمل المسؤولية في أداء الواجب على أكمل وجه، وأجلى شهادة على الغياب الصارخ للكفاءة العلمية في ساعة لا تعزب فيها عن أحد فكرة أو نظرية ثقافية إذا ما سعى لكسبها من خلال هذا العدد الهائل من وسائل الاتصال. كما لا عذر للقائلين بأن مجتمعنا لم يكن يمتلك الوعي الكافي للتباين مع فكرة 'السفارة' عند بدايات منشئها فكان اللجوء إلى الفتاوى والمقاطعة خير منقذ؛ لأن في هذا القول كشف لمسؤولية بناء ثقافي خطير عمرها يربو على العقدين من الزمن تكفي للشهادة على الهروب الكبير من قبل أصحاب الشأن الثقافي بين مختلف التيارات الأصولية والأخبارية عن الأداء الأمثل، والانحياز لصالح مناوشات سياسية ذهب ريحها وتفاقمت تبعاتها حتى أصابت مجتمعنا في مقتل، وخلّفته طريحاً على فراش الجمود والتواكل، ثم اكتفى كبار قومنا بين ذلك بفرض الوصاية والولاية. فأين هذا البناء، وأين مظاهره في واقع الحال، وهل وصل مجتمعنا منذ تلك المرحلة حتى الآن إلى مستوى ثقافي يؤهّله لكسب وعي تفصيلي بوقائع بيئته الاجتماعية ومحيطه الثقافي ويستقلّ به في مجيئه ورواحه؟!

طباعة : نشر:
 
جميع المشاركات تعبر عن رأي كاتبها
 
الاسم التعليق